"   المناعة الخارقة ضد كوفيد 19

الصفحات

القائمة

المناعة الخارقة ضد كوفيد 19

                                                                         

المناعة الخارقة ضد كوفيد 19
المناعة الخارقة ضد كوفيد 19

اكتشف الظاهرة المدهشة: كيف يطور بعض الأشخاص "مناعة خارقة" ضد كوفيد-19 بفضل اجتماع الإصابة السابقة و لقاحات mRNA.

I. اكتشاف "المناعة الهجينة" 💪:

 1. تعريف الظاهرة والمصطلح  :                                                                                                                                                                                                                                    يطلق الباحثون على هذه الحالة اسم "المناعة الخارقة" أو "المناعة الهجينة" (Hybrid Immunity). أجهزة هؤلاء الأشخاص المناعية تستجيب للفيروس بكفاءة استثنائية، مُنتجة كميات هائلة من الأجسام المضادة القادرة على التعرف على سلالات متعددة من الفيروس والرد عليها.

2. قوة الاستجابة المناعية :

لقد وثقت دراستان حديثتان هذه القوة. في إحداهما، أظهر الأفراد ذوو "المناعة الهجينة" قدرتهم على الاستجابة ليس فقط للمتغيرات المعاصرة، بل أيضاً لفيروسات كورونا غير البشرية، وحتى توقع والاستعداد لإصدارات جديدة لم تظهر بعد. هذا المزيج، أي العدوى السابقة متبوعة بالتطعيم، يجهز الجهاز المناعي بشكل ملحوظ للرد على التهديدات المستقبلية.

II. الآلية العلمية للدفاع المتفوق 🔬:

1. دور اللقاح والإصابة السابقة :

من المعروف أن لقاحات فايزر وموديرنا توفران حماية ممتازة. فمن بين حوالي 173 مليون أمريكي تم تطعيمهم بالكامل بحلول أغسطس (وقت الدراسة)، دخل المستشفى 10,500 فقط بحالات اختراق (إصابات بعد التطعيم)، وتوفي 2000 منهم فقط جراء كوفيد-19. 

تعتمد هذه اللقاحات على تقنية mRNA لتعليم جهاز المناعة التعرف على جزء من الفيروس ومحاربته في حال التعرض له.

كما أن الأشخاص الذين تعافوا من كوفيد-19 يتمتعون بحماية طبيعية، حيث يتذكر جهازهم المناعي شكل الفيروس وطريقة محاربته. ولكن عندما يلتقي كل من اللقاح والإصابة السابقة، يتولد مستوى حماية أعلى.

تشير الدراسات الحديثة إلى أن هذا التفاعل يؤدي إلى مناعة "خارقة". تقول الدكتورة تيودورا هاتزيوانو، عالمة الفيروسات بجامعة روكفلر، إن استجابات هؤلاء الأشخاص للقاح "مدهشة"، وتفترض أنهم في وضع جيد جداً لمحاربة الفيروس.

 الأجسام المضادة لديهم قادرة على تحييد فيروس السارس الأول (SARS-CoV-1) الذي ظهر قبل عقدين، وهو فيروس يختلف كثيراً عن SARS-CoV-2.

2. الذاكرة المناعية الاستباقية :

تختلف "المناعة الطبيعية" الناتجة عن العدوى عن المناعة الناتجة عن التطعيم. في حالة المناعة الهجينة، يقوم الجهاز المناعي بزيادة الضمانات الاستثنائية للمستقبل. وهذا يشمل الخلايا البائية (B-cells) و الخلايا التائية (T-cells)، والتي تتذكر شكل الفيروس ويمكنها تحفيز إنتاج الأجسام المضادة المناسبة عند التعرض الجديد.

تشير الأبحاث إلى أن المناعة الطبيعية عادةً ما تدوم لمدة سبعة إلى ثمانية أشهر، وقد تصبح بعد عام أكثر عرضة للتغيرات الفيروسية. يشرح الباحث كروتي أن "الجهاز المناعي يعالج أي تعرض جديد - سواء كان عدوى أو تطعيمًا - من خلال تقييم التهديد ومزايا حجم الذاكرة المناعية التي يتم تكوينها والاحتفاظ بها".

لذلك، عندما يتلقى شخص تعافى من كوفيد اللقاح، يعمل اللقاح كإشارة قوية للجهاز المناعي بأن هذا الفيروس يمثل مشكلة خطيرة، ويجب تخصيص المزيد من الموارد للحماية. هذا يعني المزيد من الخلايا البائية والتائية المتذكرة، بالإضافة إلى الخلايا البائية التي تحاول توقع قدرات فيروسية جديدة. 

يسمي كروتي هذه التخمينات الاستباقية لخلايا الذاكرة ضد إصدارات فيروسية قد تظهر في المستقبل.

تساهم الخلايا التائية أيضاً في الحماية من المتغيرات المستقبلية، لأن الأجزاء الفيروسية التي تتعرف عليها أقل عرضة للتغير مع تحور الفيروس. 

في دراسة استشهد بها كروتي، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين أصيبوا ثم تلقوا اللقاح طوروا مائة ضعف من الأجسام المضادة الواقية ضد متحور B.1.351 مقارنة بالذين أصيبوا فقط. لقد كانت أجهزة المناعة لديهم أكثر استعداداً لمحاربة المتحور، حتى لو لم يكونوا قد أصيبوا به من قبل.

الأفراد الذين تم تطعيمهم وكانوا مصابين سابقاً لديهم قدرة إضافية وأكبر على الرد على طيف أوسع من فيروسات كورونا، مقارنةً بالذين أصيبوا بالعدوى فقط.

III. إثبات قوة المناعة الهجينة والآفاق المستقبلية 🌐:

1. دراسة جامعة روكفلر :

أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة روكفلر، ونشرت كمسودة أولية في أغسطس، قوة المناعة الهجينة. قام الباحثون بتحليل جاهزية الجهاز المناعي لدى 15 شخصًا أصيبوا سابقاً بكوفيد-19 وتم تطعيمهم لاحقاً، ومقارنتهم بمرضى تم تطعيمهم فقط أو أصيبوا فقط.

فحصوا عينات البلازما من مرضى "المناعة الهجينة" ضد ستة أنواع مختلفة من فيروس كورونا، وفيروس السارس الأصلي، وحتى فيروسات كورونا المكتشفة في الخفافيش والبانغولين. بالنسبة لمعظم هذه الإصدارات، كانت أجهزة المناعة الهجينة قادرة على التعرف على الغزاة وزيادة الأجسام المضادة لمكافحتهم.

بل واختبر الباحثون متحوراً فريداً من فيروس كورونا، تم تطويره في المختبر خصيصاً لمقاومة كشف جهاز المناعة، ومع ذلك تمكنت هذه الأجهزة المناعية من محاربته.

 2. الآفاق والتوقعات :

يقول بول بينياسز، عالم الفيروسات بجامعة روكفلر، إن "المرء يتوقع بشكل معقول أن يتم حماية هؤلاء البشر بشكل جيد جداً في مواجهة معظم المتحورات - وربما جميع - متغيرات SARS-CoV-2 التي من المحتمل أن نراها في المستقبل المنظور". ويضيف بتخمين كبير، أنه قد يكون لديهم "قدر من الأمان ضد الفيروسات الشبيهة بالسارس التي لم تصب البشر بعد".

كانت هذه الدراسة، مثل غيرها التي قاست المناعة الهجينة، صغيرة، وليس من المؤكد ما إذا كان كل شخص تم تطعيمه بعد الإصابة سيحصل على نفس الاستجابة. لكن الملفت للنظر هو أن جميع المرضى في هذا الفحص أظهروا رد فعل عالٍ ومذهل ضد متحورات فيروس كورونا الفريدة.

قد يحصل المصابون بالتطعيم على دفعة إضافية من خلال إصابة اختراق لاحقة (Breakthrough infection) أو جرعة لقاح ثالثة، على الرغم من أن المزيد من الأبحاث ضروري في هذا المجال.

يقول بينياسز: "بناءً على هذه الأنواع من النتائج، يبدو أن الجهاز المناعي سيصل أخيراً إلى حافة هذا الفيروس". يهدف أخصائيو المناعة الآن إلى دراسة هذه المناعة الهجينة بعناية فائقة، لزيادة فاعلية اللقاحات ضد هذا المرض وغيره.

أسئلة شائعة (FAQ) حول المناعة الخارقة :

1. ما هي "المناعة الهجينة" أو "المناعة الخارقة"؟

هي حالة مناعية قوية جداً تتحقق عندما يكون الشخص قد أصيب وتعافى من فيروس كوفيد-19، ثم تلقى جرعات اللقاح (خاصة لقاحات mRNA). يُعتقد أن الجمع بين الذاكرة المناعية الناتجة عن العدوى والتحفيز القوي من اللقاح يخلق استجابة مناعية تفوق بكثير المناعة الناتجة عن العدوى وحدها أو التطعيم وحده.

2. ما الذي يميز استجابة جهاز المناعة في هذه الحالة؟

يتميز جهاز المناعة بـ:

إنتاج كميات هائلة من الأجسام المضادة.

قدرة هذه الأجسام المضادة على تحييد مجموعة واسعة من سلالات فيروس كورونا (بما في ذلك المتغيرات الجديدة، وحتى فيروسات كورونا القديمة مثل سارس-1).

تكوين خلايا ذاكرة (B و T) أكثر عدداً وأكثر استعداداً، حتى أنها تستطيع "تخمين" قدرات فيروسية مستقبلية.

3. هل تعني "المناعة الخارقة" أن الشخص محصن تماماً؟

لا يوجد تحصين مطلق. لكن الدراسات تشير إلى أن الأشخاص ذوي المناعة الهجينة محميون بشكل "جيد جداً" في مواجهة معظم - وربما كل - متغيرات SARS-CoV-2 التي قد تظهر في المستقبل المنظور.

4. هل يحتاج كل شخص أصيب ثم تطعم إلى "جرعة معززة" إضافية؟

تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين لديهم مناعة هجينة يتمتعون بحماية عالية جداً حالياً. ومع ذلك، قد تؤدي حالة اختراق لاحقة أو جرعة معززة إلى "دفعة" إضافية في الاستجابة المناعية، لكن هذا يتطلب المزيد من الأبحاث لتحديد ضرورته للجميع.

خاتمة :

تُقدم ظاهرة "المناعة الهجينة" بصيص أمل واعد في معركتنا المستمرة ضد كوفيد-19. إنها تُبرهن على قوة التفاعل بين الاستجابة المناعية الطبيعية الناتجة عن الإصابة وبين التكنولوجيا المتقدمة للقاحات. 

هذه الحماية المزدوجة لا توفر دفاعاً قوياً ضد السلالات المعروفة فحسب، بل تمنح جهاز المناعة القدرة على الاستعداد والتوقع للمتغيرات المستقبلية. يواصل العلماء دراسة هذا الدفاع المتفوق بهدف استثمار آلياته في تطوير لقاحات أكثر فاعلية وذات نطاق أوسع ضد هذا الفيروس وعائلته.

المصادر:

Advisory Board

Frontiers in Immunology

Frontiers in Public Health 

⚠️ تنويه: المعلومات الواردة في هذه المقالة للتثقيف العام فقط، ولا تُغني عن استشارة الطبيب أو مقدم الرعاية الصحية المختص.

0تعليقات

"